يا له من يوم مليء بالعواطف، ويا لها من ليلة تقشعر فيها الأبدان، عندما يُنافس عشاق تشيلسي هذا الساحر الذي قلب تاريخهم رأساً على عقب وأعاد لهم هيبتهم بلقبي دوري إنجليزي في ظرف عامين بعد مرور نصف قرن على أخر تتويج ليعود تشيلسي عملاقاً من عمالقة بريطانيا ومن ثم اوروبا..
جوزيه مورينهو" سينافس تشيلسي هذه المرة على بطاقة الترشح للدور ربع النهائي من بطولة دوري أبطال اوروبا، البطولة التي قال عنها مهاجم البلوز (بلال أنيلكا): "لا يستحق أن عيش تشيلسي من دون أن يذوق طعم التتويج بهذه الكأس"، فطعهما كطعم الشهد وهو الطعم الذي أجبر إدارة أسود لندن على التعاقد مع الخبير الأول فيها "أنشيلوتي"، الرجل المحظوظ المتوج بها كلاعب وكمدرب.
دخل أنشيلوتي الموسم بانتصار معنوي رائع على إنتر نسيونالي ببطولة التحدي التي اقيمت في الولايات المتحدة الأميركيـة، وفاز بها في نهاية المطاف دون أن يَخسر أية مباراة، ولم يترك فرصة التتويج بلقب الدرع الخيرية - كأس السوبر الإنجليزية- على حساب مانشستر يونايتد ليؤكد قدومه بقوة أثناء الموسم على كافة الأصعدة.
وبالفعل حقق ما أراد رغم بعض الهزات البسيطة خارج ميدانه أمام أستون فيلا، ويجان أثلتيك، مانشستر سيتي، إيفرتون، وتعادل مُحبط مع هال سيتي، ولكنه يظل كما هو متصدراً لجدول الترتيب العام بفارق نقطة عن مانشستر يونايتد وله مباراة مؤجلة.
لا يهم كيف يسير أنشيلوتي مع البلوز في الدوري لأن إنتر نسيونالي يسير هو الأخر بخطٍ ثابته نحو مُعانقة الدوري من جديد، فما يهم الآن الحديث عن دوري أبطال أوروبا والفارق بين الفريقين على هذا الصعيد بما أنهما سيتواجهان من خلاله الليلة، ولكن قبلها يجب أن يسمع عشاق تشيلسي ماذا قال أحد لاعبيهم عن مواجهة مورينهو.
فقد قال كالو: "مورينهو سيستقبل استقبال الملوك لأنه فعل الكثير لنادي تشيلسي، يستحق الاستقبال بحفاوة، وعلى يقين بأن المشجعين سيفعلوا ذلك، ولكنها ستكون مباراة صعبة للغاية لكلا الفريقين لأنه يعلم جيداً أغلب التفاصيل عن تشيلسي وفي نفس الوقت نحن نعلم كل شيء عنه من تكتيكات وخطط وأفكار".
انتصارات صعبة، وواقعية في الأداء!!
ظهر على أداء تشيلسي نفس الواقعية التي ظهر بها الإنتر في البطولة منذ الوهلة الأولى بدور الـ32 حتى أخر لحظة، لكن الفرق الوحيد هو عدم تعرض تشيلسي لأية خسارة.
وضعت قرعة دور الـ32 تشيلسي مع أندية "بورتو البرتغالي، أبويل نيقوسيا القبرصي وأتلتيكو مدريد الإسباني"، وحسم رجال كارليتو صدارة المجموعة لصالحهم بعد الجولات الثلاث الأولى بالفوز على بورتو وأبويل نيقوسيا بنفس النتيجة 1/صفر، وتدمير أتلتيكو مدريد برباعية مع الرأفة تشبه لحدٍ كبير رباعية ريال بيتس قبل عدة أعوام في نفس المرحلة.
لعب تشيلسي بتوازن في بداية المشوار بغرض الحسم المُبكر، ففاز على بورتو في الستامفورد بريدج بهدف نظيف احرز "بلال أنيلكا" ولم يستطع بعدها إضافة المزيد من الأهداف بغلق الملعب برباعي الوسط "لامبارد، أوبي ميكيل، إيسيان وديكو أو بالاك"، وتكرر نفس السيناريو أمام أبويل على ملعبه الـ "نيو جي إس" بقبرص، بإحراز أنيلكا هدف التقدم ثم التراجع قليلاً للخلف واللعب على المُرتدات وفي الكثير من الأوقات الاعتماد على قوة لاعبي الوسط في التمرير للاستحواذ على وسط الميدان.
الانتفاضة الهجومية
وقرر كارليتو الإنتفاض هجومياً في المباراة الثالثة ضد أتلتيكو مدريد والتي اقيمت على ملعب الستامفورد بريدج، وهي على الورق وبناءاً على نتائج الفريق الإسباني الموسم الماضي في الليجا وترشحه على حساب فالنسيا وفياريال لدوري أبطال اوروبا هذا الموسم تعد المباراة (الأقـوى في المجموعـة)، والدليل تعامـل تشيلسي بجدية غير طبيعية معها بإحراز رباعية كاملة؛ انتهى الشوط الأول بتقدم البلوز بهدف سالمون كالو وعاد نفس اللاعب ليضيف الهدف الثاني ثم يُحرز لامبارد كالعادة من تسديدة صاروخية، وقبل النهاية يضيف مدافع الأتلتي الكولمبي "لويس بيريا" هدف بالخطأ في مرماه.
وفي لقاء الإياب - الجولة الرابعة- انهى تشيلسي كل أمال الأتلتي في أكثر مباريات البطولة إثارة ومتعة من حيث الأداء والنتيجة، فقد تقدم الأتلتي بهدف رائع سيرجيو أجويرو، لكن الهداف الغائب عن التسجيل منذ بداية البطولة "دروجـبا" استطاع إحراز هدفين متتاليين للبلوز في الدقيقتين 82 و88 قبل أن يعود أجويرو ليُحرز هدف التعديل في الدقيقة الأولى من الوقت الضائع، وكفلت هذه النتيجة الترشح لتشيلسي إلى دور الـ16 بصورة مُبكرة بحصده 10 نقاط قبل انتهاء مرحلة دور الـ32 بمباراتين.
برزت في مباراة الأتلتي على ملعب الفيثنتي كالديرون بعض المشاكل الدفاعية التي لم تظهر قط على تشيلسي الموسم الماضي تحت قيادة الرجل المُحنك (جوس هيدنيك) الذي جعل من ميسي "أضحوكة" أمام العالم لأول مرة في تاريخ أفضل لاعب في العالم، حيث وضعه تحت الضغط المتواصل والتدخلات الذكية بالضرب من تحت الحزام، وغيرها من طرق تكتيكية يُحسد عليها، ولكن مع أنشيلوتي بدأت المشاكل الدفاعية تظهر مع مرور الوقت نعم ليس بتلك الصورة الصارخة لأنه لم يواجه هجوماً شرساً في الدور الأول عدا الأتلتي الذي أحرز لاعبه المشاكس "أجويرو" هدفين رائعين.
وبدأت تتضح أكثر المشاكل الدفاعية من العمق والجهة اليمنى ومنطقة الوسط الدفاعي خاصةً من اللاعب "جون أوبي ميكيل" الذي كلف البلوز تعادلاً في المباراة الأخيرة له ضد "أبويل نيقوسيا" المتواضع للغاية على ملعب الستامفورد بريدج 2/2 عندما مرر الكرة لمهاجم الفريق "نيناد" في منطقة الوسط ليركض بالكرة ويُنفرد بتشيك، وتسببت هذه النقطة في مساعدة هذا الفريق المغمور على التأهل للدوري الاوروبي على حساب أتلتيكو مدريد!!.
على أية حال، مورينهو يعرف جيداً كيف سيتعامل مع منطقة عمق وسط الملعب لتشيلسي باستخدامه تخمة من نجوم الوسط في الدوري الإيطالـــي، والتي يغيب عنها النجم الغاني "إيسيان" الورقة الأكثر تأثيراً على وسط ميدان الفريق والذي تعرض لإصابة أثناء كأس الأمم الأفريقية 2010 الشهر الماضي وقد يعود بعد أسبوعين من الآن.
تخطيط
يلعب تشيلسي بطريقة 4-1-3-2، برباعي الدفاع المعروف (جيركوف، تيري، كارفالهو، إيفانوفيتش)، ويستخدم أنشيلوتي هذا الرباعي عدة استخدامات قد تساعده لخطف هدف من وكـر الأفاعـي الليلة.
يسمح أنشيلوتي بتقدم الظهير الأيسر "جيركوف" لقدرته على صناعة الألعاب والتحرك بطول الملعب مع سرعة ارتداده فهذا سيخلق حيوية ونشاط في هذه الجهة مع مساعدات من مالودا، سيصبح على خافيير زانيتي أن يَحذر من عرضياتهما وإنطلاقتهما، وربما يتفوق الثنائي عليه لتراجع قوة النجم الأرجنتيني الكبير في الشوط الثاني بالذات.
وسيستثمر قوة إيفانوفيتش في غلق مفتاح هام للغاية بالنسبة لمورينهو على جهة اليمين ألا وهو "بالوتيلي أو علي سولي مونتاري"، فلن يدعه يتقدم للأمام كما يفعل في مباريات الدوري المحلي، فمسانداته الدفاعية ليست بتلك القوة مقارنةً بقوة جيركوف، وسيعتمد كارليتو في جهة اليمين بصورة أكبر على عودة أنيلكا ومساندة لامبارد له.
أما تيري وكارفالهو فكلاهما يستطيع خطف الأهداف من الكرات الثابته، عرضيات من ركنيات أو ركلات ثابته، وبرهنا على ذلك خاصةً تيري في بطولة الدوري هذا الموسم، فقد أحرز تيري هدفين غاية في الأهمية في مرمى مانشستر يونايتد وبيرنلي أمنا للبلوز النقاط الكاملة!!.
وعن منطقة الوسط فيلعب تشيلسي برباعي وسط، (أوبي ميكيل أو بالاك في منطقة الوسط الدفاعي الصريح) وأمامه (لامبارد) كلاعب إرتكاز يعود وقت اللزوم لتأدية الأدوار الدفاعية وربط الوسط بالهجوم وتوزيع الكرات الأرضية والطولية ومساندة الجناح الايمن والايسر إذا احتاج الأمر، ويمكن لفرانك إذا كان في أوج عطائه غلق منطقة الوسط على كامبياسو وديان ستانكوفيتش.
وعلى جهة اليمين يمكن أن يلعب "ديكو" أو "جو كول"، وفي اليسار من المؤكد تواجد "مالودا".
وفي الهجوم أنيلكا كلاعب متأخر يأتي من الخلف للأمام لصناعة الألعاب للمهاجم الصريح "دروجبا" أو لخطف الأهداف بعد أن يخلخل له الإفواري الدفاع أو يفتح له الطريق وهذه مهمته الأولى على ما أعتقد لقوته البدنية في الالتحام مع المدافعين.
التشكيل المتوقع
تشيك
جيركوف تيري كارفالهو إيفانوفيتش
أوبي ميكيل
لامبارد
مالودا جو كول
أنيلكا
دروجــبا
أبرز الغيابات
أشلي كول لمدة 14 أسبوع، بوسينجوا سيعود الأسبوع القادم، إيسيان سيعود بعد أسبوعين.
تصريحات
* أنشيلوتي: " الجميع في إيطاليا ما عدا جماهير الإنتر سوف يشجعوا ويدعموا تشيلسي".
" من الصحيح أنه بعد مورينهو لم يحقق أي مدرب الكثير مع تشيلسي ، لكن علينا أن نعترف بأن جرانت لم يكن سيئاً أبداً فقد وصل بالفريق لنهائي دوري الأبطال وكاد أن يقلب الموازين ويفوز بلقب الدوري".
وعن ما يتميز به مورينهو قال أنشيلوتي : " هو جيد في شحذ الهمم والمعنويات لفريقه ، لكن الملعب لا يعترف بكل هذا".
* لامبارد: " الجميع يعرف أنني فكرت بالرحيل إلى الإنتر فالجميع يعرف قيمة مورينهو بالنسبة لي ، ولم أكن أريد الرحيل من تشيلسي إلى أي نادي إنجليزي ولكن في تلك الفكرة كنت تائهاً ولم أعرف ماذا أريد".
* ديـكو: مورينهو مدرب رائع يُحلل الخصوم بشكل ممتاز
* كارفالهو: "لنكون واضحين، الأمر سيكون غريباً، كل ما علينا فعله إحراز الأهداف ونسيان البيئة التنافسية الصعبة التي سنواجه فيها مورينهو لأول مرة، وعلينا أن نؤمن بتغير الظروف كثيراً في السنوات الماضية، ونحن نعرف أهمية دوري أبطال اوروبا لهذا النادي، فهو يستحق الفوز بهذه البطولة الغالية".
* كالو: "في اليوم الأول الذي جئت إلى هنا أردت اللعب تحت يديه، إنه علمني تفاصيل كثيرة وهذا ما أثار اعجابي حقاً، إنه يعرف كل شيء عن لاعبي فريقه الذي يدربه، وإنه واحد من أفضل المدربين حول العالم، إن لم يكن أفضلهم على الاطلاق، وكان يسعدني ويشرفني إنضمامي لتشيلسي بسبب شخص مثله".
*بيتر تشيك: عندما يصرح مورينهو بأن لقاءه ضدنا سيكون سهل فهو بطبيعة الحال يعاني من هذا المأزق، فنحن نعرفه جيداً في مثل هذه الظروف".
"هو يريد أن يعطي فريقه الثقة قبل ملاقاة العملاق الإنجليزي وجماهير الإنتر تعرف قيمتنا جيداً ولدينا القدرة على إقصاءه من هذه البطولة ويوم الأربعاء سيكون شاهد على هذا الكلام".
نتمنى متعة لكل عشاق كرة القدم في هذه المباراة التاريخية.